في البداية تحدث الشيخ المنجد مشيراً ان الحديث سيكون حول خلق من خلق الله منهم المؤمن ومنهم الكافر عمد كفارهم الى اغواء المسلمين وحرفهم الى الشرك واستعملوا من اجل ذلك أنواع القدرات التي عندهم لاضلال الإنس فاستجاب لهم كثير من الا نس واستعانوا من اجل تحقيق غرضهم بأمر الشيطان كبيرهم وسائل متعددة، ومن ذلك هؤلاء الكهان والعرافون المنتشرون والمشعوذون وغير ذلك.. منبهاً ان سبب طرح هذا الموضوع ما سمعته من بعض الناس الذين سألوا عن اشخاص يذهبون اليهم لمعرفة مكان السحر فيدلونهم عليه وعلى مكان المسروقات والمفقودات ويجرون عمليات بدون جراحة ويستأصلون الاورام ويزيلون العاهات ويقرأون البطاقات الشخصية ويعدون النقود في الجيب ويخبرون الانسان بأحوال خاصة ربما لا يعرفها الا هو ويكون كلامهم صحيحاً، وبدأت تجد الناس يصطفون طوابير عند هؤلاء المشعوذين المتصلين بالشياطين رجاء شفاء او معرفة مفقود وبعضهم عن فضول وحب استطلاع، فنريد ان نتعرف على طرق هؤلاء الشياطين ووسائلهم وماهي ألاعيبهم، وماهي القدرات التي عندهم لكي يبين بعد ذلك ويستبين للمسلم حقيقة هؤلاء ولكي يكون الانسان على بصيرة من امره خصوصاً وان القضية قد دخلت ايضاً عالم الالعاب، فما هي الحقيقة اذاًَ؟! وما حكم الشرع في هذه الاشياء؟!
تأصيل وإيضاح
ويضيف فضيلته انه لابد ان نعود للجذور، وان نعود الى الكلام عن الجن هذا العالم الذي خلقه الله تعالى كما خلق عالم الانس وعالم الملائكة فقد اخبرنا الله تبارك وتعالى انهم خلقوا من نار فقال
والجان خلقناه من قبل من نار السموم) وقال تعالى
وخلق الجان من مارج من نار) ومارج النار طرف اللهب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم) رواه مسلم.. ويضيف فضيلته ان خلق الجن متقدم على خلق الانسان فكانوا قبلهم في الارض بدليل قوله تعالى (ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم)..مضيفا كذلك ان الجن سموا جناً لاستتارهم (فلما جن عليه الليل) واستجن بالشيء اي اتقى به واختفى وراءه، واخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن اصنافهم وعن شيء من قدراتهم فقال في الحديث الصحيح (الجن ثلاثة اصناف، صنف يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويضعنون) فأخبرنا بقدرتهم على الطيران وعلى التشكل في هيئة حيات وكلاب ولا مجال للتكذيب بعالم الجن البتة، ومن انكر وجود الجن فهو كافر، لانه كذب الله تعالى الذي قال في محكم تنزيله (قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن) فالمكذب بوجود الجن كافر، ولم يكذب به الا طائفة من الفلاسفة والعقلانيين، وبعضهم زعموا ان الجن نوازع الشر في النفس البشرية وانهم ليسوا خلقاً مستقلاً وانكروا وجودهم وهؤلاء ولا شك ضلاّل فان المعرض عن كلام الله ورسوله لا يكون الا ضالاً، فقد اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم (انه التقى بهم ودعاهم الى الله تعالى وقال انه اتاني وفد نصيبين وهي بلدة ونعم الجن، فسألوني الزاد فدعوت الله لهم الا يمروا بعظم ولا روثة الا وجدوا عليها طعاماً).. فكان منهم المؤمنون الذين انطلقوا في الارض يستمعون لاي شيء يدل على سبب منع استراق الخبر من السماء، (واذ صرفنا اليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا، فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين قالوا يا قومنا انا سمعنا كتاباً انزل من بعد موسى) ودعوا قومهم الى الله تعالى وكان منهم الفقهاء.. ولما قرأ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فكان اذا مر بقوله تعالى (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قالوا
ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد). مؤكداً الشيخ المنجد ان كثيراً منهم كفار وضلال وفسقة ولذلك فإنهم شياطين، وهم كثيرون جداً، وكانوا يسترقون الخبر من السماء يركب بعضهم فوق بعض ليستمعوا الخبر من السماء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
اذا قضى الله الامر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كالسلسلة على صفوان يعني كصوت جر السلسلة على الصخرة وهو صوت عظيم فاذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقوا السمع فالجن الذين يركب بعضهم فوق بعض الى السماء يستمعون شيئاً من كلام الملائكة عن اوامر الرب في مرض فلان او شفاء فلان او موت فلان او زلزال في مكان كذا ونحو ذلك من الاحداث الارضية فيسمعها مسترقو السمع ومسترقو السمع هكذا واحداً فوق الآخر.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فربما ادرك الشهاب المستمع قبل ان يرمي بها الى صاحبه، اي الذي تحته يخبر بعضهم بعضا فيحرقه، وربما لم يدركه اي الشهاب حتى يرمي بها الى الذي يليه، الى الذي هو اسفل منه حتى يلقوها الى الارض فاذا وصلت الكلمة الى الارض من خبر غيبي سيحدث فتلقى على فم الساحر فهؤلاء الجن الشياطين المتعاونين مع الساحر يأتون اليه بالخبر الى هذا الكاهن فيكذب معها مائة كذبة فيصدق من قبل المغفلين في الارض من الانس الذين يأتون طوابير فيقولون الم يخبرنا يوم كذا وكذا بكذا وكذا فوجدناه حقاً للتي سمعت من السماء) رواه البخاري في صحيحه.. ويستطرد فضيلته بقوله: فالناس لا يذكرون من كلام الكاهن الا الشيء الذي حصل ويقولون اخبرنا بوقوع كذا ووقع، ولا يذكرون الكذبات الكثيرة التي يخبرهم عن اشياء متوقعة الحصول واشياء لا يبعد وقوعها تعرف بالاستنتاج مثلاً فلا يكتشفون امره، لو فرضنا ان كاهناً او عرافاً او ساحراً اخبر شخصاً بانه سيقع حدث وهذا الحدث لا يمكن استنتاجه ولا معرفته او توقعه ووقع كما قال فربما يكون مما زوده به شيطانه من الاخبار التي يسترقها الجن من السماء، ولكن كم نسبة الصدق في كلامهم؟ انه واحد في المائة، وكم نسبة الكذب في كلام الكهان؟ تسعة وتسعون في المائة لكن المغفلين لا ينتبهون الا لهذا الخبر الواحد الذي تحقق ويقولون يعلم الغيب، ولا يعلم الغيب الا الله...
منقول للفائدة
ـــــــــتحياتيـــــــــ،ـــــــ